الحلم ليس له حدود, إسلام كامل أول مغامر مصرى يغطس في القطبين

Facebook Twitter Pinterest Linkedin Google + Email Whatsapp Telegram

1- ما الذي ساهم في تكوين شخصيتك وجعلك تعتبر المغامرة أسلوب حياة؟ 

منذ أن كنت طفلا صغيراً كان والدي الراحل رحمه الله، يصحبني لبائعي الكتب في طرقات الاسكندرية، فأتطلع بإنبهار لأغلفة الكتب تفصح عما بداخلها من عوالم هائلة من المغامرات والإثارة. مغامرات “تان تان”، ورحلات “جوليفر”، وحكايات “روبينسونكروزو”، وغيرها الكثير. كنت أتصفحها وحلما ما ينمو بداخلي عما أريد أن أصبحه عندما أكبر. لقد كنت مجرد طفل في السابعة من عمره، ولكنني حلمت بالذهاب إلي أماكن في أبعد أركان هذا العالم، حلمت بوجهات بعيدة وعوالم من الخيال وما كان ببالي أبداً أن ما كانت عليه أحلام الطفولة سيصبح رؤية لما هو قادم في طريقي! كنت أجد منتهى سعادتي وأنا بعد طفل صغير في خمسة عشر دقيقة من أحلام ما قبل النوم،وفي عالم الأحلام هذا قمت بمغامرات كثيرة في بقاع ساحرة وعوالم بعيدة. وعندما تأتيني صور من خيال أحلام الطفولة لتختلط بواقعي الآن وقد أصبح مثيراً لا يختلف عنها كثيرا.

تلك اللحظات التي أنتظر فيها صعود طائرة أوقطار أو سفينة تحملني لبقعة جديدة من هذه الأرض تحمل من الإثارة ما حملته تلك الدقائق القليلة التي اعتدت أن أقضيها في الاستعداد لرحلتي الخاصة إلى عالم الأحلام. سعادتي كرجل برؤية صحراء الملح في بوليفيا لم تختلف عن سعادتي برؤيتها في خيالي طفلاً بعد أن قرأت عنها في أحد قصص “لاكي لوك” الشهيرة. (كانت عن صحراء الملح في يوتاه ولكنهما نفس الظاهرة الجيولوجية), وكل هذا أدين به بالفعل لوالدي رحمه الله الذي علمني أكثر ما علمني.. الخيال

2- هل يتيح لك السفر فرصة لإعادة اكتشاف نفسك؟

هو يفعل ذلك بالفعل.. لقد قمت بالعديد من التجارب الفريدة والتحديات الصعبة من تسلق المرتفعات إلي عبور الأنهار العنيفة والغوص في المحيطات الباردة وغيرها، ولكن التحدي الحقيقي هو أكبر من ذلك جميعاً ، أجد أنني أقوم برحلة من أخطر الرحلات وأكثرها صعوبة على الإنسان وهي رحلة إلي إلى الداخل، لاستكشاف النفس وتحديها ومعرفة حدود قدراتها، للتطور والنمو في سبيل أن أكون إنسانا أفضل على مختلف المستويات.

3- وكيف لسفر المغامرات أن يتخطى كونه مجرد رحلة إلي تجربة تتحدي من خلالها نفسك ؟

وأنا صغير، كنت أخاف من كل شئ. أتذكر عندما شاهدت فيلم Jaws المعروف عربيا باسم “الفك المفترس”، أصبحت أخاف الماء كثيرا لدرجة أنني كنت أخشـى دخول الحمام لأن به ماء وقد أجد به سمكة قرش. كنت أخاف الماء و أخاف المرتفعات وأخاف الكلاب وحتى القطط! وفي لحظة ما من حياتي قررت أن أواجه هذه المخاوف كلها. بل أدفع حدود الخوف نفسها، فاذا كنت أخاف أسماك القرش يجب أن أسبح معها، إن كنت أخاف من الكلاب يجب أن أسير مع الأسود، إن كنت أخاف المرتفعات، يجب أن أقفز بحبال البانجي أو أحلق بطائره ورقية.. وهكذا، أدفع باستمرار حدود ما أظن أنها أقصى قدراتي. وأختبر نفسي في مواقف جديدة أكسر بها الحدود المريحة التي اعتدت عليها. فقط عندما يحاول الانسان، سيفاجئه ما يمكن أن يفعله وهذا هو أساس فلسفتي في الحياة.

4- وكيف شكل السفر هذه الفلسفة وماهي ملامحها؟

الحياة رحلة! تختلف وجهتها باختلاف صنوف الناس، واختلاف شخصياتهم وأحلامهم وافكارهم. هناك من يبحث فيها عن المال، ومن يبحث عن النجاح، من يبحث عن القوة والنفوذ، ومن يسعى لأعلى المراكز. من يريد الزواج ومن يريد الأبناء. من يريد السيارات الفارهة، ومن يريد المنازل الفاخرة. عن نفسي، فأنا أبحث فيها عن معنى للسعادة، وقد جعلني السفر أدرك أنه لا يجب أشغل نفسي بالبحث عن السعادة فأنسى سعادة البحث. أدركت أن السعادة تكمن في الرحلة نفسها وليس في الوجهة. أدركت أن السعادة الآن وليس غدا! ومن خلال السفر، أصبحت أقدر الأشياء البسيطة التي كنت أظنها مضمونة، زاد احترامي للآخر عندما اكتشفته وحاورته وتناقشت معه، أيا كان دينه أو لونه أو ثقافته! وتخليت عن كل أشكال التنميط السطحية. وكلما زدت سفراً كلما أدركت كم ما كنت أجهله، وكلما ازددت نهما لمعرفة أشياء أخرى جديدة. باختصار يضع السفر أمامي فرصة للتطور والنمو على المستوى العقلي والنفسي ويضع أمامي إجابة للسؤالهل أريد حياتي أن تكون ثائرة كالبحر.

1071623_10151983561420569_1881944847_o

5- تختلف دوافع السفر من شخص لآخر، فما هي دوافعك؟

قررت أنني لن أنتظر.. قررت أنني سأتوقف عن جمع المال كالمجنون، قررت أنه لا حاجة بي لأن أرضي المجتمع، وأنني لا يجب أن أحيا وفق مفاهيم وتقاليد فرضت علي ولم يكن لي يد في صياغتها كالسيارة الفارهة أو المنزل الفاخر، لا يجب أن أنتظر تقاعدي لأبدأ حينها في رؤية العالم أو ملاحقة شغفي وأحلام طفولتي. سأجعل كل هذ يحدث الآن. أصبح هدفي هو أن أكتشف عوالم أخرى لأتعلم وأزداد خبرة ومعرفة. عشقت المغامرة وعلمت أنه الحياة بدون مغامرة هي في الحقيقة ليست حياة وإنما مجرد حالة انتظار! أدركت أن الحياة قصيرة، وأن ما في هذه الدنيا مما يجب أن أراه وأكتشفه وأتعلمه، لا تكفيه ألف حياة.

6- ما سبب تسمية المدونة باسم أدرينالين؟

الأدرينالين هو هرمون مرتبط بذاكرتنا الجينية. عندما كان أجدادنا القدماء يعيشون على حافة الخطر باستمرار، كان اندفاع الهرمون في عروقهم دلالة على حالة تسمى “الهروب أو المعركة”-“Fight or Flight” وهو يعطي قوة خارقة للمألوف تساعد إما على الهروب من وجه الخطر أو مواجهته دفاعا عن الحياة نفسها. الأدرينالين مرتبط بحالة المواجهة وعندما أشعر به يندفع في عروقي أعلم آنني أمام أحد مخاوفي وأنني أكسر حاجزا بداخل نفسي. أعلم أنني أقف على الحافة وأن خياراتي هي إما الهروب أو المواجهة وأنا أختار المواجهة.

7- ما هو الهدف من انشاء المدونة؟

أشعر بسعادة عندما أرى مزيدا من الشباب المصري والعربي يدفعون باتجاه السفر والاستكشاف. إلا أن أغلب هذه التجارب حالياً يكون إما من باب “زرع الدبوس أو العلم- pinning the flag” أو يكون في سياق تلك الفكرة “لقد زرت هذا العدد من الدول في العالم والتقطت هذه الصور أمام علامتها الشهيرة وأنا أرفع العلم أو ألتقط صورة سيلفي”، أو تتركز حول تصوير أطباق الطعام والحديث عن أفضل أماكن تقدم القهوة في برشلونة مثلاً، وحتى الآن لم أجد من ينقل تجربة حقيقية أو مشاهدات مدونة أو مصورة عن طبيعة هذه العوالم منذ مدونات محمد ثابت في ثلاثينات القرن العشرين، عندما كانت الرحلات للسفر وليس السياحة، عندما كان المسافرون رحالة، وعندما كان القلم ومدونة السفر “Travel Journal” هما وسيلة نقل التجربة وليس عصاة السلفي. وللأسف فمعظم ما أراه الآن هو أناس يستهلكون عصاة السيلفي بإفراط، حتى أصبحت الصور تتشابه لنفس الشخص الذي يحتل ثلثي الصورة وفي الثلث المتبقي قد تجد معلما ما وأحيانا لا تجد شيئا يذكر في حين يخبرنا أن هذه الصورة تم التقاطها في البرتغال مثلاً ولا تختلف في أي شيء عن تلك التي ألتقطها في أحد مدن إسبانيا! والآن وقد بدأت ثقافة السفر تنتشر من جديد، فقد رأيت أهمية وجود طرح أكثر عمقا لتجارب السفر، فأنا أحاول تقديم تجربة تتجاوز السلفي من خلال مواقف غيّرتني جذرياً. أكتب عنها في النسخة الإنجليزية “past selfies to self-changing experiences” تعني أن التجربة تتجاوز مجرد استقلال الطائرة لبلاد ألتقط فيها الصور الفوتوغرافية وأنا أرفع علماً أو أمسك لوحة تحمل رقماً. أحاول أن أكون مسافراً وليس مجرد سائحاً، والفرق كبير! فأي شخص يملك ما يكفي من المال والوقت بإمكانه أن يسافر الدنيا كلها، ويلتقط الصور وهو يرفع الأرقام والأعلام ويصور أطباق الطعام، وهو يرقص أو يصافح الكاميرا على طريقة هاي-فايف. ودعني أوضح أن ليس في هذا عيبا على الإطلاق، بل هو في كثير من الأحيان مسلي ومفيد، وقد استفدت من معرفة أفضل مكان لتقديم القهوة في برشلونة بالفعل. ولكن بالنسبة لي–وهذا هو المهم هنا- أرى حقيقة السفر الكبرى في تحدي الخوف ومحاولات الفهم والبحث عن الإجابات الوجودية في كل ثقافات الأرض. السفر بالنسبة لي فلسفة خاصة وقراءة في التاريخ والحاضر والمستقبل، تجربة شخصية بحته تجعلني أتطور وتتطور معها رؤيتي لهذا العالم. هذا جزء من الأفكار التي أريد أن انقلها من خلال المدونة ومن خلال الكتاب الذي أقوم بكتابته حاليا . وفيهما استعرض أسئلتي عن الحب والحياة والدين والسياسة والتي طرحتها على من قابلتهم في شتى بقاع الأرض، وأستعرض الإجابات وقد أذهلني تشابهها من غابات الكونغو وحتى صحارى بوليفيا.. نحن لسنا مختلفون، نتشارك نفس الأحلام والآمال والمخاوف والميثولوجيا، إن فرقتنا الحدود فقد جمعتنا الإنسانية. المدونة والكتاب يستعرضا هذا الجانب الإنساني والنفسي المصاحب للسفر. ولهذا لن تجد في المدونة أو الكتاب حديثا عن أفضل مطاعم البيزا السياحية في روما -بل ربما يحذر من هذا- فقد قتل هذا بحثا وعرضاً من زملاء آخرين وعلى عشرات المواقع، ولكن ستجد حديثا عن الموز المقلي في حواري “سانتا كروز” وأوراق الكوكو في طرقات “كيتو” ولحم التمساح في ذلك المطعم الصغير أميالاً قليلة من شلالات “فيكتوريا” وربما يصف طعم لحم “حوت المينكي” الذي تناولته في “ريكيافيك”. ستجد حديثا عن قصص مثيرة للقاءات مع الأسود والضباع والغوريلا وأسماك القرش. ستجد حديثا عن قمم جبال وأعماق محيطات لم أظن يوماً أنني قد ألقي عليها نظرة. ستجد حديثا عن حضارات قديمة لم نقرأ عنها في كتب التاريخ المدرسية، ستجد حديثا عن أماكن باردة وأخرى مظلمة وثالثة لا تغرب عنها الشمس، ستجد وصفا لأضواء الشمال التي هزت وجداني، ستقرأ قصصا عن التعايش والانسجام، عن كيف تزين باب تلك الكنيسة اليسوعية على ضفاف بحيرة تيواناكو” برسومات إله الشمس عند “الإنكا” وكيف تمر مسيرة الإله “جانيش” الهندوسي أمام المساجد في شرق آسيا. ستجد حديثا عن الخوف والأحلام، عن مفاهيم للسعادة، عن الحب، عن الحياة. عن تحدي النفس ودفع الحدود.

10608587_10152782611040569_6795041297598605720_o

8- كونك أول عربي ومصري يغوص تحت أعماق جليد أنتاركتيكا، كيف تصف التجربة؟

هي تجربة مذهلة بكل المقاييس ، وقد تكبدت من أجل هذا الغرض الكثير من المشقة والتدريبات المكثفة والقاسية استمرت أربعة أشهر قبل موعد السفر. كان هدفي كما ذكرت سابقا هو أن أكتشف عوالم أخرى لأتعلم وأزداد خبرة ومعرفة. أن أدفع باستمرار حدود ما أظن أنها أقصى قدراتي! وأن أختبر نفسي في مواقف جديدة أكسر بها الحدود المريحة التي اعتدت عليها. وكانت أنتاركتيكا هي أكثر مما يمكن أن أحلم به! لا أعتقد أن هناك مكان أكثر بعدا، أو أكثر عزلة من هذا المكان. كانت بالنسبة لي كأنني أطأ بقدمي على سطح كوكب آخر. أنتاركتيكا مكان لا يذهب إليه غير من يعشق السفر والمغامرة، ولهذا كان كل من قابلتهم على سطح المركب هم من محترفي السفر إن جاز التعبير. و للأسف كنت أنا ظاهرة بالنسبة لهم. لأنهم وفي كل ما سبق من أسفارهم لم يقابلوا مصريين! وكان هذا عبئا علي بالطبع، أن أعالج عددا من المفاهيم الخاطئة عن بلدي وعن ثقافتي. وأحمد الله أن الأمر أنتهى وقد كسبت عددا جديدا من الأصدقاء وقد أثرت فضول معظمهم ورغبتهم لزيارة ذلك البلد الذي جئت منه.

كما قلت من قبل، فالسفر قد يقدم لك لحظات لا تقدر بثمن، ومنها بالنسبة لي تلك اللحظة التي دخلت فيها السفينة مكان في “أنتاركتيكا” يسمى قناة “لوميير”. كان وقت شروق الشمس وكانت الأشعة الذهبية تنعكس على بياض جبال الجليد الضخمة. كان مشهدا مذهلا التقطته بعدسة كاميرتي في صورة بديعة ولكنها لا تقترب في جمالها بأي درجة من الواقع. كانت لحظة من الصمت المقدس أمام إعجاز الخلق. لا أجد حتى الآن وسيلة أضع بها بطاقة سعر على مشهد الشروق في قناة “لوميير”، أو ذلك الحوت الذي قفز من الماء أمام أعيننا في ممر “دريك”.

من الرائع أن أكون أول عربي يقوم بالغطس تحت جليد القارة القطبية الجنوبية. لكن على الرغم من ذلك فالتجربة في حد ذاتها هي الإنجاز الحقيقي بغض النظر من فعلها قبلي ومن سيفعلها بعدي،لا يهمني حقيقة أن أكون الأول أو الأخير وإنما كان همي الأول هو أن أتواجد في هذا العالم تحت الجليد وأن أرى الحياة الموجودة هناك. ربما أعجز عن أن أجد تعبيرا مناسبا يصف هذه الحالة من التباين الساحر بين الحياة الساكنة فوق الجليد وتلك الزاخرة أسفله.

9- ما هي أصعب المواقف التي واجهتك هناك؟

هناك العديد من المواقف الصعبة فهذه الرحلات هي ليست للاستجمام بطبيعة الحال. ومن هذه المواقف تلك الغطسة بجوار أحد الجبال الجليدية الطافية على سطح الماء والتي أصاب فيها الخلل عدد من معداتي بسب حقيقة أن المياه العذبة التي تتكون منها جبال الجليد تتجمد أسرع من المياه المالحة. كان كمبيوتر الغطس الخاص بي يسجل درجة حرارة تصل إلي ٢ تحت الصفر عندما شعرت ببرودة الماء تتسلل إلي داخل بدلة الغطس الجافة، نعم لسبب ما تسرب الماء. وبعد ذلك وربما لأن المصائب لا تأتي فرادى، تجمد جهاز المرحلة الثانية من منظم التنفس لتسبب اندفاع مستمر للهواء البارد على عمق عشرين متر بجوار جبل الجليد، دفعني هذا للصعود الي سطح الماء محاذرا أن اندفع في الصعود السريع فأسبب اندفاعا ضارا لفقاعات النيتروجين في دورتي الدموية يمكنها أن تؤدي إلي حالة من الشلل وأحيانا الوفاه لا قدر الله، متحملا برودة الهواء المندفع من منظم التنفس الذي كان قد جمد أسناني بالفعل . وبعد الصعود والتعامل مع الموقف، تمكنت من إذابة الجليد المتكون على منظم التنفس لأفاجأ بعدها ب “ليبورد سيل” يطل برأسه من خلف ركن جبل الجليد. هو نوع مفترس من أسود البحر أو الفقمات يصل وزنة لنصف طن وأحيانا أكثر، ويمكن لهذا النوع ان يهاجم محترفي الغوص في الجليد وقد سجلت حالات وفاة بين الغواصين والمستكشفين بعد أن جرهم الكائن لأعماق كبيرة. طبعا توجهت فور أن رأيته الي الزودياك في هدوء وعيناي لا تفارق حركته وخرجت من الماء.

على الرغم من كل هذه الأحداث والتي أراها جزءا هاما من المغامرة والتجربة، فأنا سعيد حقا بأن تسنى لي أن أرى هذا العالم وأن ألمس جبل الجليد تحت الماء. زيارتي لأنتاركتيكا وقيامي بالغطس هناك هو حتى الآن أعمق تجربه مررت بها في حياتي ليس فقط لما قد يبدو بديهيا من حالة المغامرة ولكن لأبعاد أخرى أكثر عمقا. ولا يعبر ذلك القليل الذي ذكرته هنا عن تلك الأبعاد، وعلى رأسها الانسانية منها. تلك الروابط التي تكونت بيننا على سطح “بلانسياس”. لقد كنت ذلك المصري العربي المسلم بين هذا العدد من الجنسيات الغربية على سطح مركب تتجه للقارة القطبية الجنوبية في محاولة لأن يقوم بالغطس هناك. ثم تحولت نظرات الدهشة والتوجس لحالة إنسانية عميقة من المشاركة في تجربة فريدة. وصداقة ستستمر إلي الأبد.

11884026_10153480552345569_4552834029791624534_o

10- كم عدد الدول التي قمت بزيارتها؟

لا أقوم حقيقية بعد الدول التي قمت بزيارتها، ربما قمت بزيارة أربعين دولة ولكنني أنصح دائما بعد التجارب، فبإمكانك أن تقوم بزيارة مائة دولة في العام الواحد إن أردت دون أن تحصل على تجربة هذه الدولة كاملة، وفي هذه الحال أنت لم تقم بالسفر حقيقة وإنما بشيء من السياحة، وكما ذكرنا هناك فرق كبير بين المسافر والسائح. ما يعنيني من السفر هو الحصول على تجربة البلد التي أزورها كاملة ويعني ذلك معرفة عن تاريخ البلد من خلال شواهد يمكن زيارتها، كيف يعيش أهل البلد، ظروفها السياسية والاقتصادية وكيف تؤثر على طريقة حياة الناس، اللغة والأكل والملابس وغيرها. يعنيني أيضا القيام بالتجارب الخاصة ومشاهدة الظواهر الفريدة. لدي قائمة Bucket List من التجارب التي أريد أن أخوضها وهذا هو ما أقوم بعده.

11- وما هي أبرز التجارب على تلك القائمة والتي قمت بها بالفعل؟

حققت من قائمة تحدياتي الخاصة ما يلي:

1.الغطس تحت الصفحة الجليدية للقارة القطبية الجنوبية

2.الغطس شمال الدائرة القطبية الشمالية

3.الغطس في كل محيطات الأرض

4.الغطس مع القرش الأبيض الكبير في خليج جانسباي

5.الغطس مع ألف من الفقمات البحرية (أسود البحر) على ساحل كيبتاون

6.الغطس في حيد وسط الأطلنطي (الفاصل الجيولوجي بين أوروبا وأمريكا الشمالية)

7.رؤية سلاحف جزر الجلاباجوس بالمحيط الهادي

8.لقاء غوريلا الجبال وجها لوجه فوق مرتفعات باوندي بأوغندا

9.قيادة الدراجة على طريق الموت (أخطر طريق في العالم) ببوليفيا

10.زيارة حصن “الإنكا” الأخير “ماتشو-بيتشو” بالبيرو

11.تسلق قمة بركان كوتوباكسي بالإكوادور

12.السباحة في محيط الشمال المتجمد

13.رؤية أضواء الشمال (الشفق القطبي)

14.المشي مع أسود ليفنجستون في زامبيا

15.الوقوف في “حوض الشيطان” فوق شلالات فيكتوريا

16.التحليق الحر بالمظلة فوق الساحل الجنوبي لأيسلندا

17.التدلي من فوهة بركان نشاط ودخول فراغ الماجما البركاني

18.الهبوط على سطح جرينلاند وزيارة سكانها الأصليين من شعب “الإينويت”.

19.زيارة “مرآه الرب”، صحراء الملح ببوليفيا

20.زيارة غابات الأمازون

21.زيارة باتاجونيا في جنوب الأرجنيتين

22.عبور ممر “دريك” في محيط الجنوب ومضيق “الدانمارك” في محيط الشمال وهم من أعنف البقاع البحرية في العالم

23.القفز بحبل البانجي فوق منابع النيل

24.عبور نهر “الزامبيزي” بقوارب التجديف المطاطية

25.عبور قمة جبل “سلاكانتاي” أحد ممرات الحج لدى شعوب “الإنكا” القديمة

26.زيارة شلالات “إيجواسو” بالبرازيل، أحد عجائب الدنيا الطبيعية السبعة

27.زيارة جبل الطاولة بجنوب إفريقيا، أحد عجائب الدنيا الطبيعية السبعة أيضا

28.لقاء الشيمبانزي وجها لوجه في غابات كيبالي بأوغندا

29.رؤية أحد آخر حيوانات وحيد القرن بزيمبابوي

30.زيارة مستعمرات البطريق بقناة بيجل بشيلي

وهناك العديد من التجارب الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها.

14330116_10154351441935569_817134689183753844_n

12- في ضوء عشقك للمغامرة، أين ستكون وجهتك القادمة ؟

وجهتي الكبرى القادمة ستكون التزلج عبر القمة الجليدية لجرينلاند، هي رحلة شاقة ومكلفة لم يقم بها أي مصري أو عربي من قبل، لذلك هذه المرة سأقوم بالبحث عن شركات راعية لهذا التحدي وقد بدأت بالفعل برنامج الإعداد البدني.

13- ما النصيحة التي تقدمها للشباب المصري والعربي الراغب في السفر؟

تحركوا.. لا يهم إلى أين..

التناول المطروح في أغلب الصحف والدوريات العربية عن السفر يعرض تجاربه بشيء من التبسيط الذي ربما لن يسبب لقراءه من الشباب في مصر غير مزيد من الإحساس بالفقر والعجز وإحساس بقلة الحيلة وضيق ذات اليد. وعن طريق المدونة، أريد أن أخبر هؤلاء الشباب ان السفر جزء من المعادلة وليس كل المعادلة وان التحدي الحقيقي هو مواجهة الذات وتطويعها سواء بالسفر أو غيره، وأن ليس مجرد السفر هو ما يغير الإنسان فكم من مسافر هو سائح لم يزده السفر شيئاً، وإنما المغامرة والإستكشاف والبحث والتحدي الذي يحتويهم السفر، تلك المغامرة قد تكون أسفل المنزل وقد تكون في رحلة قطار أو أوتوبيس لوجهة جديدة قرب مدينتك، وليس بالضرورة إلي آخر الأرض. وهذا تحديدا هو فكرة آخر فصول الكتاب.إن هدفاً نبيلا كالحلم برؤية العالم هو ما سيدفع بك إلي بعد من اللا-تقليدية يمكنك من النجاح في حياتك على المستويات المهنية والشخصية. وأن الدفع التدريجي للحدود هو ما سيصل بك فعلا إلي “آخر الأرض”.

أتمنى أن يسافر المصريين أكثر، فهذا واحدة قادر على شفاء كل أمراضنا وتغيير كل ما بنا من خوف من كل ما هو جديد أو مختلف! عدم فهمنا الاختلاف وتوجسنا من الآخر وعجزنا عن قبوله. أعلم أن طبيعة المصري ألا يكون مسافرا أو رحالا وأنه استقر بجوار ضفاف النيل لآلاف الأعوام دون أي نية في التحرك، حتى تكدس الملايين فوق بعضهم في مساحة لا تزيد عن عشرة بالمائة من مساحة مصر! وربما كان هذا مفيدا في وقت ما ولكن مؤخرا تمنيت لو اختلف هذا.

أتمنى أن يسافر المصريون اكتر، أعتقد أن هذا أفضل وأقوى تأثيرا من معظم الجهود الدبلوماسية لما يعرف ب”تحسين صورة مصر” و “تنشيط السياحة”! فلم أرى حتى الآن ما هو أفضل لتقوية الروابط بين ثقافتين مختلفتين من التقاءهما خلال السفر، ليتشاركا مغامرة وتجربة مثيرة. على الأقل فهمهما لبعضهما بشكل أفضل وأقرب للحقيقة عما تصوره أي وسيلة إعلام! أتمنى أن يسافر المصريون اكتر، حتى من لا تسمح ظروفه أو هو يظن ذلك فهناك طرق عديدة للسفر الرخيص، فأتمنى أن يسافر حتى داخل مصر. فالسفر قد يقدم لك لحظات لا تقدر بثمن، فلا مبرر لمن يحلم بالسفر أن يعجز عنه. السفر قد يكون آلاف الأميال وقد يكون بضعه كيلومترات. ولن تفرق المسافات في درجة عمق التجربة التي قد تتعرض لها.

14291620_10154379166855569_202620443990747633_n

Facebook Twitter Pinterest Linkedin Google + Email Whatsapp Telegram

نبذة عن الكاتب

حطت أقدامى في أراضٍ مختلفة، امتزجت شخصيتى بثقافتها، تأثرت بحضاراتها، تعلمت من شعوبها، وتفاعلت مع أحداثها، وما زلت أشعر أنه ينقصنى الكثير وأن رحلتي لم تبدأ بعد

مقالات متعلقة